لو تحدثنا عن فائدة المطالعة الحرة لليافعين بناتاً وصبياناً وربطناها بالعطلة الصيفية, لوجدنا أن هذه العطلة هي بمثابة فرصة لاستعادة البنات والأولاد قواهم العقلية والجسدية والنفسية والروحية بعد سنة دراسية ممتلئة بالحشو والتلقين وفي البكالوريا سنة دراسية تحدد مصائرهم.
هذه العطلة كانت بالنسبة لنا مع المطالعة متعة آثرة ولا أقول هذا للمقارنة بين الأجيال, وإنما للتذكير بفوائد القراءة والتي يقول عنها علماء الاجتماع الكثير ومنها مثلاً أنه عند القراءة ينطلق التخيل ويتطور الذكاء, يتوسع مجال حساسيتنا, نتعلم الافتراض, التخيل, تركيب الأفكار, نفهم أوضاعاً كنا نجهلها في الحياة الواقعية ونتحرك في عالم نحن نبدعه, وعندما تتعمق القراءة عندنا تتعزز بالمعرفة بنية شخصياتنا فنحمي أنفسنا من إنعدام اليقين ومن الفراغ.
إلا أن اتجاهات المطالعة في أوساط طلبة المدارس في تراجع, بعد أن كانت في مرحلة سابقة واجباً وحتى شرفاً ثقافياً وأخلاقياً يسعى إليه الطلبة في المنزل ومكتبة المدرسة والمراكز الثقافية عبر جلسات فردية وجماعية مفعمة بالحيوية والمتعة, وهذه لها فوائدها أيضاً لأنها بمثابة تأسيس لشخصيات البنات والأولاد.
هذا التراجع ترافق مع ما تقدمه ثورة الاتصالات وخاصة الفن الوضيع الذي يستبيح شخصية المرأة, والعزوف عن الشأن العام مع نظرة إلى أن إعلام الشباب يجب أن يكون خفيفاً فأتت هذه الخفة مزيداً من السطحية والتفاهة.
فهل نقبل بالاستمرار بتراجع المطالعة? الشباب أنفسهم يرفضون ذلك وقد بدأت تظهر مجموعات منهم تقدم مبادرات لإحياء القراءة فتخصص بشكل دوري كتاباً للمناقشة بعد أن يقرأه وتقرأه كل منهم, أو تشكيل جمعيات كجمعية شمس التي تركز على التحفيز والتشجيع على المطالعة, وهذا دليل أننا لم نصل إلى ما بعد المطالعة.